برلمان الثورة والمصير القاتم أو إنتفاضة ناخب





بقلم أحمد كامل
بعد أن حان الوقت لتخوض مصر غمار التحدي الثالث لها بعد ثورة 30 يونيو ، وأنا أراه تحدي صعب بل هو الأصعب فالإستحقاقان الماضيان (الدستوروإنتخابات الرئاسة) كان عليهما نوع من التوافق ، أما الإستحقاق الأخير وهو الإنتخابات البرلمانية سيكون عليه الكثير من التناحر والشقاق ، كعادتنا في إهدار دماء الآخر ووأد أي إحتمال للتعاون أو حتى التنافس الشريف ، وأصبح أي حديث عن إحترام المنافس محض خيال مريض ، فكيف يكون هناك أي تفكير في مصلحة الوطن في هذا التوقيت الصعب ، وكثيرون يجدون من تلك الإنتخابات فرصة لتتغير صفته من صفة النكرة إلى شخص ذو كينونة ، والغالبية يجدها فرصة للعودة لمسار السلطة بعد أن سلبتها منهم ثورة يناير المجيدة ، وفي رأيي أن القطاع الأخير ويمثله كم غير هين من المرشحين سواء المستقلين أو القوائم ، لا يفرقون في حقارتهم ودنائتهم عن الإخوان وعشقهم المريض للسلطة ، التزرع ببعض الزرائع الكاذبة أمام جمهور الناخبين .


الكارثة الحقيقة التي تطل بوجهها القبيح حالة التجريف السياسي المريرة التي تمر بها مصر ، بعد ثلاثين عاماً من حكم البقرة الضاحكة ، ويجب ألا ينسينا قفز الإخوان على ثورة يناير سقطاته التي لن يغفرها له التاريخ أبداً ، حالة التجريف السياسي التي يمر بها الوطن هرت واضحة بعدم وجود قائمة واحدة لا تخلو من الهمز واللمز والإنتقاد الصارخ لأعضائها ، أما عن المستقلين فليسوا أفضل حالاً ، وأتحدى إن ذكر لي أي شخص عشرون شخصاً من جميع المرشحين يمكن أن يكونوا واجهة طيبة لبرلمان الثورة ، وهي كارثة تنذر بسوء وتهدد أن تعصف بأحلامنا ، في الوقت الذي يرابض قطاع غير هين من من المفترض بهم أن يكونوا شركاء في الوطن ، لكن في الحقيقة هم لا يبغون سوى هدم أركانه ، ولا يستحوا أو يخجلوا أن يعلنوا عن هذا في كل توقيت .


هذا وفي رأيي إنه لا يوجد مخرج من هذا المصير القاتم سوى في يد الناخب المصري ، شأنه في هذا شأن جميع الناخبين في العالم ، فلا يصح على الإطلاق أن نحذف المواطن المصري من المعادلة التي هو عنصر أساسي وفاعل بها ، وكما خرج المواطن بالملايين لدعم الدستور ، ودعم الرئيس عبدالفتاح السيسي رغم أن نتائج الإثنين كانا محسومتين ، فهو أيضاً من في يده الخلاص من هذا المصير الحالك السواد ، ولكن هذا الإختبار سيكون أصعب بالتأكيد ، فالإستحقاقين الماضيين لم يكن فيهما أي ضغوط إنتخابية والتي غالباً ما تنقسم لنوعين أولهما الرشاوي الإنتخابية - التي لا يستحي كثيرون من اللجوء لهذا الطريق الحقير للوصول لمقعد البرلمان - وثانيهما اللجوء للقبليات وهي اللاعب الأساسي بمناطق الأرياف والصعيد حيث يسود الجهل والفقر ، ولكن كيف للناخب أن يختار من بين المرشحين المتاحين أمامه ؟

شخصياً سأضع مجموعة من المعايير والشروط للمرشح الذي أتمناه ، على أساسها سأختار بين ممن متاح أمامي ، لن أخطأ خطأ الماضي وأعطي صوتي للمرشح فوزه بحجة دعمه للوصول لحالة من الإستقرار السياسي ، وسأعرض لكم في عجالة شروطي التي أرها مناسبة ليكون عضو برلمان مصر الممثل لي .

أول الشروط إنني لن أعطي صوتي لمن صرف الملايين على الدعاية الإنتخابية ، فحتى الآن لست مقتنع ولم أرى من يصرف مبالغ طائلة على الدعاية الإنتخابية من أجل أن يخدمني ، حاولت أن أقتنع بشتى الطرق وأجرب عشرات المرات ، لكن دائماً هذا النوع من المرشحين سيكون همه الأكبر إسترداد ما صرفه ، ولن يقوم بدوره المنوط به على أكمل وجه أو لن يقوم به على الإطلاق .

ثاني الشروط وهو متصل بشكل أو بآخر بالشرط الماضي ، أنا أريد المرشح الذي يصل حتى بابي ويناقشني وأجادله ويقنعني ، أن يصل للمقهى التي اجلس عليها ، للمحل الذي أشتري منه بقالة بيتي ، لا أن يدخل وسط عزوته ليسلم علي ثم يرحل ، ويطلق بعض الحمقى على هذا الجولات الإنتخابية ، لا أنا أريد النموذج الأمريكي أريده أن يصل لي ويعرض برنامجه علي ويقبل مناقشتي له .

ثالث الشروط هو في الحقيقة متعلق بي وبجميع الناخبين عامةً ، أنا مستعد أن أعطي صوتي لمن ينطبق عليه الشروط الماضية بغض النظر عن الأيدلوجية التي يمثلها ، ففي رأيي أن الأيدلوجيات ذابت وإقتربت من بعضها في العقد الماضي إقتراباً كبيراً ، فلم يعد هنا فارق كبير بين ناصري محدث ، ورأسمالي يراعي العدالة الإجتماعية ، وأصبح المحك هو محك تطبيق ليس إلا .

بقى أن أطالب البرلمان بنزع إمتيازات أعضائه ، فحتى الآن لا أعرف سبباً لمنح أعضاء البرلمان الحصانة ، كما إنني أرفض تماماً منح عضو البرلمان عدد لتعيينه في الجهاز الإداري للدولة ، أو أي عدد للقبول بأي من الكليات السيادية ، وأتمنى أن يكون هذا أول قرار لبرلمان الثورة ، وهو ما مطبق في الفعل في الكثير من البرلمانات الأوربية العريقة مثل البرلمان البريطاني والنرويجي .

0 التعليقات:

أضف الموضوع لحسابك